هل انت مصاب بالارهاق العاطفي؟

الارهاق العاطفي
الإرهاق أو الإجهاد العاطفي هو أشد أنواع التعب والإرهاق خطورة على البشر والوقوع فريسة له أمر خطير ومدمر؛ لأن إصابة مشاعرك بالإجهاد لا تعني أن الضرر سيتوقف عند هذا الحد بل سيمتد ليشمل بدنك وعقلك .
ويمكننا تعريف الإرهاق العاطفي على أنه حالة من التعب والإجهاد العاطفي والجسدي والعقلي الناجمة عن الوقوع تحت مؤثرات خارجية ضاغطة تخرج عن قدرة وسيطرة الإنسان على التعامل معها .
فعندما يعيش الشخص تحت ضغط جديد ومُلح لفترات زمنية طويلة تنفد طاقته البدنية والنفسية عن تحمل ما يتعرض له يومياً من ضغوطات ومع عدم وجود مساحة صغيرة للاسترخاء والراحة فإن الإصابة بالاكتئاب، وفقدان القدرة على الإحساس بالسعادة أهم وأشهر النتائج التي يصل إليها الإنسان المجهد عاطفياً .
والحقيقة أن للإجهاد العاطفي درجات، وقد يدهشك عندما تعلم أنه يهاجم جميع البشر بدرجاته المختلفة طوال الوقت حتى دون علمهم بذلك، فعلى سبيل المثال حالة الغضب التي تشعر بها نتيجة الزحام المروي إحدى صور علامات الإجهاد العاطفي، وحتى حالة العصبية التي تشعر به عند انفصال الاتصال بالإنترنت، وأنت ترسل رسائل إلكترونية هامة أو تتواصل مع أحد المقربين منك هي أيضاً من ضمن إحدى صور الإرهاق العاطفي.
ولعل من أخطر الأمور أن هذا النوع من الإرهاق يصيب الأشخاص الراغبين أو الطامحين في النجاح، وتغيير حياتهم نحو الأفضل وذلك بسبب الضغط الكبير الذي يشعرون به لرغبتهم الكبيرة في الوصول إلى الهدف سواء لإثبات أنهم على حق أو لتغيير الصورة النمطية والذهنية لهم لدى المقربين منهم .
وللأسف إذا تمكنت الضغوطات التي تقع على عاتق كل راغبي النجاح والوصول إلى الأفضل من السيطرة عليهم، والتمكن من إرادتهم وعزيمتهم تنقلب الأمور لـ180 درجة نحو الأسوأ وربما أسوأ مما كانت عليه من قبل بسبب عدم قدرات الأشخاص العقلية والنفسية على تحمل كل تلك الضغوطات المرافقة للسعي نحو النجاح أو الوصول إليه .
وهناك دائماً علامات واضحة تدق ناقوس الخطر تخبرك بأن الأمور خرجت، أو ستخرج عن حدود قدراتك وسيطرتك سريعاً إذا لم تمنح نفسك وقتاً كافياً من الراحة والاسترخاء. ومن أهم تلك العلامات:
أصبحت ساخراً
أنت لم تصبح ساخراً بشكل كوميدي، ولكنك أصبحت متمرداً ومتعباً وأكثر ضعفاً أمام الضغوطات التي تتعرض لها في حياتك، ولهذا يبدأ العقل بشكل لا إرادي في الدخول بحالة بعدم الاكتراث واللامبالاة تجاه ما يحدث حولك. كما أصبح التشاؤم ورؤية السلبيات فقط هي أفضل ما تقوم به بدلاً من إيجاد الحلول لمشاكلك، وبالتأكيد فقدان علاقاتك الاجتماعية مع المقربين والمحيطين بك وعدم الاكتراث بالتواصل معهم أو حتى الرد على سؤالهم ورؤيتهم أمر طبيعي في ظل تلك الظروف التي تعاني منها. ولعل من أبرز الأمور السيئة التي تزيد من همومك والضغوط حولك هو الشعور بعدم الرضا عن حياتك وعدم الاقتناع بما تملكه من مميزات سواء كانت مهارات أو امتلاكك لأسرة كبيرة أو حتى وظيفة لا يمتلكها غيرك.
الإرهاق الكلي
في هذه المرحلة يصل الإنسان إلى حالة الاستنزاف القصوى من المشاعر، ويبدأ الإرهاق العاطفي في تلك المرحلة بمهاجمة العقل والجسد من عدة جوانب. فالإرهاق العاطفي يجبر العقل خصوصاً قبل النوم على التفكير المطول والكثيف الزائد على الحاجة في التفكير بكل مشكلة أو موقف مر به الإنسان خلال اليوم والتفكير في حلول وأسباب المشاكل، وهو ما يترتب عنه بكل تأكيد الدخول في حالة من الأرق وفقدان القدرة على النوم، وبالتالي يعتبر الشعور بالإرهاق نتيجة حتمية وطبيعية لهذا الأمر.
ولكن للأسف غياب النوم والراحة لن يؤثر فقط على مدى النشاط بل أيضاً على مدى القدرة العقلية على التذكر، فحالات النسيان المتكررة وفقدان الأشياء سوف تظهر جلية بسبب الإرهاق. وبعد المرور في حالة من فقدان القدرة على النوم وتكرار حالات النسيان من الطبيعي أن يأتي دور الجسد في فقدان قدراته على القيام، من المفترض أنها عادية وطبيعية مثل ممارسة التمارين وإعداد الطعام والقدرة على العمل أو حتى على الضحك والابتسام وتتنامى المشاعر الغاضبة، ويدخل الإنسان في حالة من العصبية لفترات طويلة .
تدمير الجسد
هنا يأتي دور الجسد في مواجهة تبعات إرهاق المشاعر؛ فبعد تدمير الجانب العقلي والنفسي للإنسان يبدأ في توجيه ضرباته نحو الجسم، وتظهر العديد من الأعراض السلبية مثل ضعف جهاز المناعة والإصابة بنزلات برد وأمراض طوال الوقت دون أي أسباب وانخفاض الشهية والرغبة في تناول الطعام، وأخيراً يتم الوصول إلى العلامة الأخطر وهي المعاناة من عدم انتظام ضربات القلب نتيجة الشعور بالقلق والتوتر طوال الوقت.
لم تعد كما كنت
شعور الإنسان بعدم الرضا عما يقوم به وأن أعماله أو تصرفاته كلها عديمة الفائدة والنفع إحساس مؤلم بحق، ويترتب عليه مجموعة من الأحاسيس السلبية من أهمها اللامبالاة وعدم انتظار أي نتائج إيجابية في اتخاذ قرارات هامة؛ لأن الإنسان المصاب بالإرهاق العاطفي يشعر بالأساس بأن كل ما يقوم به دون فائدة وبلا قيمة. وبجانب اللامبالاة يدخل المصابون بالإرهاق العاطفي في حالة قوية من القلق والتوتر، والتي ربما تحدث لهم بشكل مفاجئ.
إذا لاحظت علامات الإرهاق العاطفي فإن أول ما عليك فعله هو أن تكون صريحاً مع نفسك والاعتراف بأن قوتك محدودة، وأنك لست سوبر مان، وأنك لن تكون قادراً على تحمل كل الضغوطات والصعوبات؛ لذلك يجب أن تساعد نفسك من أجل التخلص من الإرهاق العاطفي، واستنزافك لحياتك ونفسك بالقيام بتلك الأمور:
- ممارسة التمارين الرياضية سواء رفع الأثقال أو تمارين سواء رفع الأثقال أو تمارين اللياقة البدنية
- شرب كمية كافية من المياه يومياً واتباع نظام غذائي صحي، والحصول على فترات كافية من النوم تحت أي ظرف من الظروف.
- إحاطة نفسك بالأشخاص المقربين منك والحديث معه حول ما تشعر به أو استشارة طبيب نفسي.
- الحصول على جلسات منعشة من التدليك على يد أحد الخبراء، فقد ثبت علمياً أن التدليك يقلل من إفراز الجسم لهرمون التوتر والإجهاد ( الكورتيزول).
- إذا كنت تشعر بالقلق فحاول القيام بتمارين التنفس وذلك بالتنفس من خلال فمك، ثم إغلاقه مع التنفس من خلال الأنف فقط، والعد حتى 4، ثم احبس أنفاسك نهائياً حتى تصل إلى العد لرقم 7 وأخيراً تنفس من فمك عند الوصول إلى الرقم 8.